❗️عاجل❗️
يحمل التلفاز هذه الكلمة، فيتجمهر الناس من جميع أنحاء المدينة بعد أن أصبحت القضية مشهورة جدًا، ووجْهُ ماريان أصبح مرتبطٌ بها وبشدة.
ترحّب ماريان ترحيبًا جافًّا يملؤه الجدية وتبدأ بالقول: «أهلاً بكم في نشرة الأخبار العاجلة، معكم الصحفية ماريان لارسون.
اليوم هو الثالث من شهر يناير، وقد دخلنا الجريمة السابعة.
نحن الآن أمام أحد أكبر وأشهر منازل الممثلات؛ ورجال الشرطة داخل المنزل عند الجثة ويقومون بالتحقيق. أعلم أن رجال الشرطة والمحققين يقولون إن هذه الجرائم مجرد أعمال لقتلة متعدّدين، لكن لدي رأي آخر: هذه الجرائم متسلسلة من قاتل واحدٍ وله دافعٌ معين. سينفون الشرطة كلامي ويقولون إنني مُتوهمة؛ لكن فليكن».
ثم تابعت قائلة: «اليوم قُتلت ممثلةٌ كانت تملك أسهمًا في عدة شركات كبيرة وتتبرع بشكل دوري للأطفال والفقراء.
وحين تحقّقوا في قتلها، كُشِف أن الأداة المستخدمة هي سكينٌ ولا توجد عليها أي بصمات أو أدلة تقودنا إلى الفاعل. هل سنبقى في حالة رعبٍ كهذه؟ ألن ينتهي هذا الكابوس ونعود إلى حياتنا؟ لا نملك جوابًا قاطعًا، ولكننا نأمل أن تعود الأمور إلى مجاريها؛ غدوتم سالمين.»
انتهت نشرة الأخبار العاجلة والسريعة التي كانت تقدّمها ماريان. أخذت أغراضها لتغادر، فوجدت المحقق توماس يسير نحوها فبدأ بالتحيّة والسؤال عن حالها.
— «أهلاً ماريان، كيف أحوالك؟ بصراحة لست مستغربًا أبدًا من رؤيتك هنا».
— «كيف تتوقع أن يكون حالي؟ ما زلنا نصارع هذا اللغز ولا نعرف نهايته. أما من ناحية رؤيتي فستَراني وستَراني إلى أن ينتهي هذا الكابوس».
— «يُعجبني إصرارك، لكن ألستِ خائفة؟ أنتِ أصبحتِ وجهًا معروفًا ومرتبطًا بهذه القضايا؛ فقد يؤذيك أو يضرك بأي شكل».
— «شكرًا أيها المحقق، لكن لا؛ لست خائفة، لأنني شجاعة ومتيقنة أن هذه القضايا مرتبطة بنمطٍ معيّن وليست عملياتٍ عشوائية أو قتلة متعدّدين وانا لست أحد اهداف القاتل. أراهنك أنه خلال أيامٍ قليلة ستكتشف أن لهذه الممثلة ماضيًا حافلًا بالقضايا وجرائم غير معروف عنها قط ».
— «حسنًا، ليس لدي رد على هذا الآن، لكني أخبرتكِ: ليست لديكِ أدلة، لذا…»
قُطع حديثه باتصالٍ على هاتف ماريان. اعتذرت ماريان منه وتمنّت له أمسيةً سعيدة، ثم ردّت على الهاتف لتجده اتصال من صديقتها إلينور.
— «نعم إلينور… نعم، إنني في طريقي إليك وسنتحدث عندك. جهّزي إبريق الشاي».
ردّت ماريان وهي تحمل حقيبتها على كتفها وتتجه نحو سيارتها.
وصلت ماريان إلى منزل إلينور نيلسون أقرب صديقة وكأُختٌ لها.
كانت إلينور فتاةً هادئةً وجميلةً وذكية، سمراء البشرة بشعرٍ أملسٍ طويل يغطي ظهرها، وعيونٍ مسحوبة تميّز ملامحها الحادة.
دخلت ماريان وجلستا على الشرفة وبدأتا بتبادل أطراف الحديث.
— «ألا زلتِ متمسكةً بهذا الموضوع وتريدين كشف القاتل؟ أخاف أن يحدث لك شيء».سألت إلينور
— «لا تقلقي؛ لن يحدث شيء. أنا لست ولا سأكون من أهداف القاتل».ردت ماريان بثقة
ارتشفت إلينور رشفةً من الشاي ثم قالت: «أنتِ متأكدة أنه قاتل متسلسل وأنها جرائمٌ ذات نمط؟»
— «نعم متأكدة، وآمل أن تُصدِّقني الشرطة وتقتنع بهذا لأن إذا صدقوني فعلا وعملنا معًا سينتهي كل شيء وبسرعه وبأضرار أقل..».
صمتت الفتاتان لحظة، ثم سألت ماريان : «أخبريني عنك؛ هل اكتشفتِ شيئًا جديدًا ومثيرًا في عملك؟ أشعر أن لديكِ الكثير من الأسرار والأكشن!»
— «حسنًا لا شيء جديد؛ نفس البلاغات عن الفيروسات وغيرها. مللتُ من العمل على هذه الأمور، أريد ما هو أقوى—ههه».
— «ههه حسنًا يا إلينور، أتمنى أن تأتيكِ بعض الأمور الأكشن في عملك».
قاطع حديثهما رنين إشعارات هاتف ماريان. سألت إلينور: «من المرسل؟» فأجابت ماريان: «لا أعرف؛ إنه رقم مجهول. دعيني أرى».
فتحت ماريان هاتفها وبدأت القراءة وهي مستغرِبة. الرسالة تقول:
أهلاً أيتها الصحفية الذكية،
إنني معجب بمهاراتكِ وإصراركِ وعزيمتكِ؛ فقد تجاوزتِ الشرطة.
ويعجبني أيضًا ثقتكِ بنفسكِ وبتفكيركِ، ولهذا أتيت إليكِ كي تساعدينني؛ فأنا أريد شخصًا يوصل صوتي للعالم ويوضح بعض المفاهيم.
تحياتي لكِ، القاتل المتسلسل ذو النمط المعين.
نظرت ماريان إلى إلينور بدهشة، ممّا زاد استغراب إلينور وسألتها عمّا يحدث، لكن ماريان لم ترد من شدة الصدمة، فقامت إلينور بسحب الهاتف منها لتفهم ما الذي يحدث.
استغربت إلينور وقالت: «أحقًا تريدين مساعدته؟ ماذا لو كان مجرد معجب أو شخص يقوم بمقلب سخيف؟ وماذا لو اتضح أنه فعلا القاتل وأنك تساعدينه؛ ماذا ستفعلين؟ وماذا لو أراد التخلص منك ؟؟!»
ردّت ماريان بحزم: «أنا أعرف ماذا علي أن أفعل».
أخذت هاتفها المحمول وأرسلت له: «كيف أستطيع التأكد من كلامك هذا؟ أعني: هل أنت القاتل فعلاً أم مجرد صبي يلعب بهاتف أمّه؟»
نظرت إلينور لها وقالت: «ما الذي تفعلينه؟ إذا كان القاتل فقد أوقعتِ نفسك في دواماتٍ لا نهاية لها…»
— «وإذا لم يكن؟»
— «سوف تضيّعين وقتك».
— «أشعر أن الأمر يستحق المحاولة».
~ ترن ترن ~ رنّ هاتفها.
فأجاب القاتل بسطرٍ واحد: «هذا من حقك؛ اذهبي إلى هذا العنوان وستجدين حقائق عن الممثلة التي ماتت اليوم وسلميها للشرطة».
نظرت الفتاتان إلى بعضهما باستغراب وصدمة لا يوصفان.
ذهبتا إلى السيارة وقادت ماريان إلى الموقع، وكان يبعد حوالي خمسٍ وأربعين دقيقة: مخزنٌ قديمٌ عديمُ النفع حاليًا.
بدأتا عملية البحث عن الحقائق.
كان المخزن كبيرًا وله طابقٌ أعلاه، فتفرّقت الفتاتان: صعدت ماريان إلى الأعلى، وإلينور بقيت في الطابق الأرضي.
بعد عدة دقائق من البحث نادت إلينور ماريان قائلة: «أعتقد أننا وجدنا ما نبحث عنه». نزلت ماريان مسرعةً إلى الطابق الأرضي ونظرت إلى الملف الذي بيد إلينور، وكان مكتوبًا عليه:
إلى صحفيتي الشغوفة
أخذت الفتاتان الملف إلى السيارة وبدأتا قراءة مضمونه؛ فوجدتا الكثير من المعلومات الهائلة التي تُدين الممثلة المقتولة. كانت تتبرع للفقراء والأطفال، لكن هذا كان ظاهرًا أمام الشاشات فقط؛ فكانت في الواقع تتاجر بالبشر، وتجعل الأطفال عمالًا صغارًا والنساء جاريات، وتبيع الأعضاء وغير ذلك من القضايا الصادمة.
توجّهت إلينور وماريان إلى مركز الشرطة، ودخلت ماريان على المحقق توماس من دون طرق الباب، فألقت الملف أمامه قائلة: «هل لديك أي حجة؟ إن القضايا السبع مترابطة؛ كلما مات أحد ظهرت بعده حقائق وقضايا صادمة لا حصر لها».
نظر توماس إلى الملف ثم إلى إلينور وماريان وسأل: «من أين أتيتِ بهذا الملف؟»
غضبت ماريان وعيناها تلمعان، فنظرت إليه وقالت: «هل هذا ما يهمك الآن؟ عليك أن تعترف أن أفكاري وأخباري صحيحة وأن تعملَ معي، عندها سنمسك القاتل ونحاسب جميع هؤلاء المجرمين بدون أي ضجة وقتل!»
— «يا آنسة ماريان، أولا نعم يهمني فقد يكون هذا طرف خيط لنا ولو انكِ لم تكوني معي وقت حدوث جريمه الممثلة لوضعتك في قائمة المشبوهين وثانيا أخبرتك أنني أريد حقائق وليس ربطًا للأحداث».
نظرت إليه ماريان بغضبٍ واستياءٍ وقالت: «ماذا تريد أكثر من هذا؟ إذا عملت معي بإمكاننا إثبات أنه شخص واحد وأن سلسلة القتل مترابطة…» ثم لاحظت أن المحقق غير مهتم بكلامها ولن يقوم بفعل أي من ذلك.
شدّت إلينور يد صديقتها وطلبتا الإذن من المحقق، ثم ذهبتا إلى شقة ماريان.
جلستا هناك وكانت ماريان تتحدث بغضب عن المحقق: «إنه متعجرف وأحمق، يظن أنه محق دائمًا ولا يستمع إليّ.
حسنًا، عندما تظهر الحقيقة ويثبت كلامي، سيأتي معتذرًا وسأطرده وأقول له إن ليس لدي وقت لمثل هذه الترهات».
ضحكت إلينور وقالت: «ههه حسنًا هوني عليك وأنسيه.
الآن الفشار قارب على الانتهاء؛ دعينا نجهّز الفيلم للسهر».
ذهبتا لتجهيز التلفاز، وخطر لماريان فِكرة رهيبة.
— «إلينور، أعتقد أنه يمكنك مساعدتي في الكشف عن هوية القاتل».
تنظر إلينور مستغربة: «ماذا تعنين؟»
— «أعني أنه يمكنك تتبع هاتفه… ألم تريدي أكشن في عملك؟»
— «وهل تعتقدين أنه سيترك هاتفه مفتوحًا أو سيستخدم نفس الهاتف للرسائل والاستخدام الشخصي؟»
— «هيا، أرجوك دعينا نحاول».
تفكّر قليلًا إلينور ثم وافقت وقالت: «حسنًا، لكن لا تتأمّلي كثيرًا. سأحضر حاسوبي، وعندما يفتح هاتفه سيصلني إشعار بموقعه على هاتفي المحمول. لكن لا أتوقع أن يفتح هاتفه أو غيره…»
تحتضن ماريان إلينور بقوة وتشكرها على هذه المساعدة التي لن تنساها، وحتى لو لم تُفلح، ثم تذهبان لتجهيز الفيلم.