ZainNasser

Share to Social Media

توقَّفت سيارات الشرطة والإسعاف وحشود من الناس في ليلٍ شديدِ البرودة أمام مرفأ السفن، تحديدًا أمام يختٍ كبيرٍ يدلُّ أنه لشخص فاحش الثراء أو مشهور. توقَّفت سيارة الصحفية ذات الجمال اللطيف، بشَعرٍ قصيرٍ، وبشرةٍ شديدةِ البياض وعيونٍ واسعةٍ تنمُّ عن ذكاء وفضول، بجانب الطريق وهي تنظر بخليط من المشاعر المتوترة والخائفة إلى التجمع الكبير.

تبدأ بشقِّ طريقها بين كل هؤلاء الناس وهي تحمل كاميرتها في سلسلةٍ حول عنقها، إلى أن اعترض طريقها أحد عناصر الشرطة مانعًا إياها من الدخول، وينادي على المحقق توماس ليتدبّر أمرها.

يأتي المحقق توماس فولف ويبدأ بالتحدث: «أهلاً بكِ، أيتها الصحفية ماريان. لا أريد إطالة هذا الأمر، وأطلب منكِ بأدب مغادرة هذا المكان من دون ضجة».

تنظر إليه ماريان بتمعّن، وبعدها تقول: «لا أفهم؛ هل تمنعني من أداء عملي؟»

— «لا، لا أمنعكِ أبدًا، ولكن عملك يعيق عملنا ويخيف الناس، وأريد منع هذا التخويف غير المبرر. إذا كنتِ تحبين حلَّ الألغاز وما شابه، اذهبي واشتري كتابًا لأجاثا كريستي أو شيرلوك هولمز وقومي بحله؛ ليس أن تقومي بهذا في جرائمٍ حقيقية ثم تُخيفين الناس بأخبارك».

— «لحظة… لحظة. أنا لا أقوم بأي عمل خاطئ؛ وظيفتي هي نشر الأخبار وتوعية الناس، وهذا ما أقوم به، وعملي لا يخالف عملكم بأي شكلٍ من الأشكال يا حضرةَ الضابط».

ينظر بها الضابط ويضحك ضحكةً تحمل معاني الاستخفاف والغضب ثم يقول: «هل هذا عملك؟ هل عملك أن تخيفين الناس؟ هل عملك أن تخرجِي على التلفاز وتقولِي إن هذه الجريمة مرتبطة بالجرائم العشر السابقة؟ وتمشين وفق نمطٍ معين؟ هل هذا عملك؟»

— «حضرةَ الضابط، أنا لم أقل شيئًا كهذا؛ كل ما قلته هو أن هذه الجريمة مرتبِطة بالخمس جرائم التي سبقتها والتي حدثت منذ ثلاثة أشهر، ولديها نفس القاتل ونفس الدوافع. ألا ترى أن كل شخصٍ قُتل من شهر سبتمبر إلى الآن كان شخصًا مشهورًا أو ثريًا أو قدوةً في الإحسان والمستقبل؟ وبعد موته يتضح أنه كان شخصًا سيئًا صاحب ماضٍ مظلم وقضايا مختلفة، وكان من المفروض الإمساك به؟»

— «لا زلتِ تقومين بتحقيقاتٍ غريبة. نحن هنا نعمل بالأدلة والبراهين، وليس بتحليلات قد تكون صحيحة وقد لا تكون. والآن أطلب منكِ المغادرة بهدوء».

— «حسنًا سأغادر، لكن لا تتوقع مني الاستسلام أو التوقف عن محاولة كشف هذا اللغز». تقول ذلك بحزم وتغادر بهدوء.

تذهب الصحفية إلى شقتها وتبدأ بتحضير القهوة. خلال انتظارها حتى تجهز قهوتها تذهب إلى شرفة منزلها وتنظر إلى السماء والمدينة الجميلة بأضوائها، فهي شاردة الفكر بما تستطيع فعله لكشف القاتل وإقناع الشرطة بمساعدتها وليس صدَّها عنهم.

تسكب لنفسها فنجانًا، ثم تذهب إلى مكتبها، فتأخذ المسجّل الصغير الخاصَّ بها لتسجّل صوتها وترتّب أفكارها، وتقول:

«اليوم هو العشرون من ديسمبر، والساعة الحادية عشرة وأربعة وعشرون دقيقة ليلاً، والجو شديد البرودة. تحدث الجريمة الخامسة بالتسلسل، حسب قناعتي.. ».
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.